تضمين المضارب في حال عدم التزامه بالقيود المحاسبية والدفاتر التجارية
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد..
في ظل كثرة انعقاد الشراكات وسعي الدولة الكريمة إلى خلق بيئة استثمار آمنة. ومع وجود الأنظمة الالكترونية والأجهزة المتطورة التي سهلت عمليات التقييد المحاسبي وتدوين الأعمال التجارية اليومية...
يظل
هناك سؤال لماذا لا يلتزم المضارب و الشريك الظاهر "في شركة المحاصة" و
مدير الشركة بالتقييد المحاسبي و الدفاتر التجارية ؟ وهل يضمن المضارب لرأس المال
في حال عدم التزامه بذلك باعتبار أنه مفرط كما قرر الفقهاء أن التفريط هو ترك ما
يجب عليه فعله؟
وهل
يجب على المضارب الالتزام بذلك؟ جاء في المادة الأولى من نظام الدفاتر التجارية ما
نصه ( يجب على كل تاجر أن يمسك الدفاتر التجارية التي تستلزمها طبيعة تجارته
وأهميتها بطريقة تكفل بيان مركزه المالي بدقة، وبيان ما له من حقوق وما عليه من
التزامات متعلقة بتجارته، ويجب أن تكون هذه الدفاتر منتظمة وباللغة العربية، ويجب
أن يمسك على الأقل الدفاتر الآتية:
-
دفتر اليومية الأصلي.
-
دفتر الجرد.
-
الدفتر الأستاذ العام.
ويعفى
من مسك هذه الدفاتر التاجر الذي لا يزيد رأس ماله على مائة ألف ريال.) وجاء في
المادة العاشرة (للجهة القضائية المختصة عند نظر الدعوى أن تقرر من تلقاء نفسها أو
بناء على طلب أحد الخصوم تقديم الدفاتر التجارية لفحص القيود المتعلقة بالموضوع
المتنازع فيه، واستخلاص ما ترى استخلاصه منها. وللجهة القضائية المختصة عند امتناع
التاجر عن تقديم دفاتره أن تعتبر امتناعه بمثابة قرينة على صحة الوقائع المراد
إثباتها بالدفاتر. )
ما هي
توجهات المحكمة التجارية في هذه المسألة ؟
(الدفاتر التجارية المنتظمة تعد
بمثابة مرآة لحياة التاجر يستطيع من خلالها تحديد مركزه المالي.)
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة
التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 288)
(الشرع والنظام قد مكن التاجر
من إثبات التصرفات بكافة طرق الإثبات، فإنه من ناحية أخرى فإن العرف والنظام ألزم
التاجر بأن يقوم بتدوین جميع عملياته بانتظام في دفاتره حتى يمكن الإفادة في
الإثبات من واقع هذه الدفاتر سواء لصالح التاجر لذاته أو لغيره، ولهذا إذا خسر
التاجر في تجارته فإنه لا يعفيه من تحمل الخسارة أمام الآخرين إلا إذا أثبت حسن
نيته، وأن خسارته كانت نتيجة ظروف طارئة، ولا يستطيع التاجر عادة إثبات حسن نیته
إلا عن طريق دفاترها المنتظمة فيستعين بها في إيضاح موقفه)
(المدعية
(ربة المال) اشترطت على المدعى عليه (المضارب) الاحتفاظ بحسابات ودفاتر محاسبية
نظامية وتقديم تقرير مالي بنهاية كل عام كما نص عليه البند الرابع من العقد . وحيث
ثبت على ضوء ما سبق تقديمه، أن المدعى عليه أخل بوجباته كمضارب ملزم بأن يبذل من
العناية في إدارة الشركة القدر الذي يبذله في إدارة مصالحه الشخصية، ولم يلتزم
بالشروط التي فرضتها صاحبة المال عليه، من ضرورة و تقدیم میزانیات مالية ومحاسبية
متوافقة مع العرف المحاسبي)
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة التجارية في
عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 288)
..
(عدم مسك الدفاتر التجارية وإن
عُدّ مخالفة وقرينة إهمال لا يُرتّب بمحضه حصول خسارة)
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة
التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 347)
( وحيث إنه بالنظر إلى نظام
الشركات نجد أنه قد نص في مادة إلزامية على وجوب تزويد الشركة كل شريك بالقوائم
المالية للشركة وغير ذلك وفقا للمادة (175)،
حيث نصت على أنه (1- يعد مديرو الشركة عن كل سنة مالية القوائم المالية للشركة
وتقريراً عن نشاط الشركة ومركزها المالي واقتراحاتهم في شأن توزيع الأرباح، وذلك
خلال ثلاثة أشهر من نهاية السنة المالية. (۲- على المديرين أن يرسلوا إلى
الوزارة وإلى كل شريك صورة من الوثائق المشار إليها في الفقرة (1) من هذه المادة
وصورة من تقرير مجلس الرقابة إن وجد وصورة من تقرير مراجع الحسابات، وذلك خلال شهر
من تاريخ إعداد الوثائق المذكورة، ولكل شريك أن يطلب من المديرين الدعوة إلى عقد
الاجتماع للجمعية العامة للشركاء للمداولة في الوثائق المشار إليها في هذه المادة)
وحيث إن المادة المذكورة لم تنص على تقييد الشريك بأن اطلاعه أو تزويده بالمستندات
يكون في وقت أو مكان محدد وإذا مضى فلا يحق له ذلك، بل نصت على وجوب إرسال صورة من
المستندات المذكورة لكل شريك، وألزمت بأن يتم إرسالها للشريك خلال ثلاثة أشهر في
الفقرة الأولى، وشهر واحد في الفقرة الثانية )
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة
التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 609- 610)
(فبناء على ما تقدم، وبما أن
المدعي يطلب إلزام المدعى عليه برد رأس ماله وقدره خمسمئة ألف ريال الذي دفعه
للمدعى عليه لاستثماره في عقده مع مؤسسة (...)؛ لتفريطه ومخالفته شرط العقد، وبما
أن المدعى عليه قد أقر بصحة العقد واستلام رأس المال وأنه دفع مال المدعي إلى
مؤسسة (...) بعلم المدعي ورضاه إلا أنها ادعت أنها خسرت کامل رأس المال ولم تحقق
أي ربح، وبما أن المدعي شريك محاص للمدعى عليه بموجب العقد المحرر في 30/3/2016م،
وبما أن المدعى عليه قد التزم للمدعي بموجب البند الثالث والرابع من العقد بمتابعة
تشغيل رأس المال والتأكد من متابعة العمل ورفع قوائم مالية للمشروع شهرياً وتوزيع
الأرباح والخسائر، وبما أن الثابت أن المدعى عليه - بإقرار وكيله- لم يبين للمدعي
حقيقة الشراكة والقوائم المالية لها في نهاية كل شهر ومقدار الخسارة حتى يمكن
تلافيها قبل استهلاك رأس المال، مما يعد تفريطاً يوجب عليه الضمان، وبخاصة أن
المدعي قد اشترط على المدعى عليه ذلك في العقد، وقد مضى على انتهاء مدة الشراكة
سنة ونصف، ولم يرفع المدعى عليه دعوى على المضارب الثاني مؤسسة (...) إلا قبل شهر
ونصف، وبما أن خسارة المدعي في المضاربة محل الدعوى ناتجة عن تفريط المدعى عليه في
متابعة المشروع ورفع القوائم المالية الشهرية والمستخلصات، ويؤيد سكوته عن المضارب
الآخر طيلة هذه المدة، وبما أن الإجماع منعقد على تحميل المضارب الخسارة في حال
ثبوت التعدي أو التفريط، الأمر الذي تنتهي به الدائرة إلى إلزام المدعى عليه بمبلغ
المطالبة)
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة
التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 846)
أحد أوجه التفريط عدم تدوين و توثيق تعاملات محل
الشراكة .
( بعد دراسة
الدائرة للتعامل بين الطرفين تبين للدائرة تفريط وتقصير المدعى عليه حيث لم يبين
كشوف الحسابات للتعامل بين الطرفين ولم يبين الصادر والوارد من البضاعة في المشروع
محل الدعوى، والذي تراه الدائرة بينة كافية لإثبات المبلغ المدعى به على المدعى
عليه وإلزامه بدفعه)
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة التجارية في
عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 1143)
( وحيث إن الأنظمة التجارية
ألزمت التاجر بمسك الدفاتر التجارية، والقيد بالسجل التجاري حيث نصت المادة الأولى
من نظام الدفاتر التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م /
61 وتاریخ 17 / 12 / 1409هـ على أنه يجب على كل تاجر أن يمسك الدفاتر
التجارية التي تستلزمها طبيعة تجارته، وأهميتها بطريقة تكفل بيان مركزه المالي
بدقة، وبيان ما له من حقوق، وما عليه من التزامات متعلقة بتجارته، ويجب أن تكون
هذه الدفاتر منتظمة، وباللغة العربية، ويجب أن يمسك على الأقل الدفاتر
الآتية: دفتر اليومية الأصلي دفتر الجرد الدفتر الأستاذ العام). وكما
نصت المادة التاسعة أيضاً من نظام الدفاتر التجارية على أنه (يفترض أن جميع
القيود المدونة في دفاتر التاجر قد دونت بعلمه ورضاه ما لم يقم الدليل على عكس
ذلك) وكما نصت المادة الثالثة عشرة من نظام السجل التجاري الصادر بالمرسوم
الملكي رقم م/1 وتاریخ 12 / 2 / 1416 هـ. على أنه (تعتبر
البيانات المقيدة في السجل التجاري حجة للتاجر أو ضده من تاریخ
قيدها .. ويجوز ... الاحتجاج بهذا البيان في مواجهة التاجر أو
الشركة متى كانت لهذا الشخص مصلحة في ذلك). لأن الدفاتر التجارية المنتظمة
تعد بمثابة مرآة لحياة التاجر يستطيع من خلالها تحديد مركزه المالي.
وحيث إن الشرع والنظام قد مكن
التاجر من إثبات التصرفات بكافة طرق الإثبات، فإنه من ناحية أخرى فإن العرف
والنظام ألزم التاجر بأن يقوم بتدوین جميع عملياته بانتظام في دفاتره حتى يمكن
الإفادة في الإثبات من واقع هذه الدفاتر سواء لصالح التاجر لذاته أو لغيره، ولهذا
إذا خسر التاجر في تجارته فإنه لا يعفيه من تحمل الخسارة أمام الآخرين إلا إذا
أثبت حسن نيته، وأن خسارته كانت نتيجة ظروف طارئة، ولا يستطيع التاجر عادة إثبات
حسن نيته إلا عن طريق دفاترها المنتظمة فيستعين بها في ايضاح موقفه. )
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة
التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1
/ صفحة 3473 )
يلاحظ أن
غالبية التضمين في حالة النص في العقد على الالتزام التقييد و التدوين والقوائم المالية
و هذا لا خلاف عليه أن المضارب يضمن إذا خالف شرط رب المال و إنما الإشكال في حالة
عدم الشرط و تضمينه باعتبار مخالفة الأنظمة و أن هذا من مقتضيات التجارة عرفاً
بناء على المستجدات المعاصرة و سهولة الإثبات و التدوين مما لا يدع للمضارب عذر.
نتمنى أن نرى في المستقبل القريب تقرير مبدأ من المحكمة التجارية ينص على تضمين
المضارب أو الشريك الظاهر أو مدير الشركة في حالة عدم التزامه بالتقييد المحاسبي
والدفاتر التجارية. لعله يكون أدعى لاستجلاء الحقائق أثناء نظر النزاع وأن لا يقدم
على أخذ أموال الناس إلا من هو أهل لذلك و من أهل الاختصاص بالتجارة.
أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم.
تعليقات
إرسال تعليق