بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول لله أما بعد..
أسئلة ..
هل يوجد حرج في الحديث
عما استقر عليه العمل في المحكمة .. ؟!
وهل كل ما استقر عليه
العمل صحيح و مقدس لا يجوز المساس به...؟!
..
مما هو معلوم أن العمل في المحكمة التجارية
استقر عند النظر في تضمين المضارب رأس المال في حال تفريطه أو تعديه أنها تخصم ما
استلمه رب المال من أرباح .
وصورة المسألة أنه في حال كان رأس المال ألف
ريال و استلم رب المال مائتي ريال كأرباح ثم فرّط المضارب و اقتنعت المحكمة أن
المضارب مفرط فإن المحكمة تحكم بإلزام المضارب بدفع ثمانمائة ريال فقط لرب المال
.
و تسبب لقرارها هذا بـــالتالي :
(ما قرره أهل العلم من أن
لا ربح في المضاربة إلا بعد سلامة رأس المال)
( قضايا الشركات
للأحكام المنشورة للمحكمة التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 209 )
و
(وبما أن نصوص الفقهاء وما استقر عليه القضاء في مثل هذا النزاع أن
يكون ما استلم من أرباح جزءاً من رأس المال يخصم منه، باعتبار أن التنضيض لم يتم،
كما أنه لا يمكن اعتبار المبالغ المستلمة قبل التنضيض أرباحاً لأنه لا يمكن الجزم
باستقرار رأس المال إلا بعد الانتهاء من التنضيض، وهو ما لم يتم )
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة
التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 2041)
و
(وما أن وكيل المدعي
يقرر أن موكله استلم مبلغاً قدره عشرون ألف ريال كأرباح، فإن الدائرة تعتبره جزءا
من رأس ماله وتنتهي إلى ثبوت مبلغ قدره (20,000) عشرون ألف ريال في ذمة المدعي
عليه ومن ثمّ إلزامه بسداده للمدعي، تأسيساً على ما قرره أهل العلم من أنه لا ربح
في المضاربة إلا بعد سلامة رأس المال)
( قضايا الشركات للأحكام المنشورة للمحكمة
التجارية في عام 1439 هـ - 1440 هـ : 1 / صفحة 2101 – 2102)
و
(و لما كان من المقرر
وفق ما استقرت عليه أحكام محكمة الاستئناف أن المبالغ المسلمة للمدعين لا يصح
اعتبارها من الأرباح قبل تحقق التنضيض و تصفية الشراكة و انتهاء العمل )
( قضايا الشركات في الأحكام القضائية المنشورة للمحكمة التجارية في
عام 1441 هـ : 212 )
حسناً ..
هناك الكثير من
الإشكالات المنطقية و الواقعية في مقابل هذا الرأي ..
نحن نكافئ المفرط
حينما يقبض رب المال
أرباحاً من أمواله التي يستثمرها المضارب فالمنطق يقول أن المضارب لم يعط رب المال
الأرباح إلا مع سلامة رأس المال كاملا سواء كان سيولة أو أصولاً . الآن تيقنا أن
رأس المال كامل بيد المضارب, ثم فرط المضارب بعد ذلك فكيف نقول للمضارب المفرط أو
المتعدي و التي أصبحت يده الآن يد ضمان اخصم من رأس المال ما استلمه رب المال و
أعطه الباقي ؟!
كأننا الآن كافأناه
بالجزء المخصوم من رأس المال !!
بناء على هذه النظرية
يستطيع أي مضارب أن يجمع الأموال من المستثمرين لغرض أن يضارب بها فإن خسر فالقول
قوله ..
و إن ربح أعاد لكل مستثمر
رأس ماله أو أكثره من أرباح المشروع ثم يقول
لهم : كش ملك !!
و يعترف أنه مفرط و
متعدي لأن يعلم أن المحكمة بعد سنة من المحاكمة ستخصم الأرباح من رأس المال و
سيخرج المستثمرون منها بالخيبة.
سؤال : ماذا لو استلم
رب المال أرباحاً توازي رأس ماله أو أكثر من رأس ماله ثم فرّط المضارب و تعدى
فماذا سيضمن ؟ و بماذا ستحكم المحكمة ؟
بناء على ما تقرره في أحكامها لن تحكم بشيء ولن يضمن المضارب شيء.
قرض حسن بلا أي ضمانات
بنكهة الاستثمار
بناء على هذه النظرية بإمكان المتلاعبين أن يحصلوا على الأموال
بحجة الاستثمار و المضاربة و هم يعلمون يقينا أن رب المال لو رفع القضية عليهم لن
يحصل على إلا ما دفعه و لذلك تجد أن من الطرق لكسب الوقت هو أن يعطوا المستثمرين
أموالا على أنها أرباحاً ليكسبوا بها بعض الوقت و يتم فيها تغرير المستثمرين ليستثمروا
مزيدا من أموالهم أو يحضروا مزيدا من المستثمرين وهذا هو الواقع وقد جاء في تسبيب
لأحد الأحكام ما نصه (لما كان المدعي يطلب إعادة رأس المال في مساهمته مع المدعى
عليه، ولما كانت يد المدعى عليه على هذه الأموال يد أمانة و أن عليه المحافظة
عليها و استثمارها في الغرض المتفق عليه بين الطرفين، وأن أي تفريط أو تعدَّ منه
يلزمه بضمان رأس المال المدفوع، وبما أن الأرباح لا تكون إلا بعد العمل و الكسب و
الاستثمار، وبما أن الثابت من تقرير الخبرة المحاسبية المنتدبة لهذا الشأن أن
المدعى عليه لم يعمل ولم يستثمر هذه الأموال فيما تم جمعها من أجله؛ و بالتالي
فإنه ليس هناك أرباح لهذه المساهمة، وبناء عليه فهو ملزم بإعادة رأس مال جميع
المساهمين. ولا ينال من ذلك ما وزَّعَهُ من أموال على أنها أرباح لأن توزيعه
لتلك الأموال كان حيلة اتخذها المدعى عليه لإيهام الناس بوجود أرباح حتى يستطيع
جمع المزيد من الأموال. ولما كانت مساهمة المدعي بمبلغ
قدره 150.000 ريال، وقد استلم من المدعى عليه مبلغًا قدره ستة وتسعون
ألف ريــ96.000ـال، فإن دائرة الاستئناف تنتهي إلى إلزام المدعى عليه بأن يدفع
للمدعي مبلغاً قدره أربعة وخمسون ألف ريـــــ 54.000 ـال على النحو
الوارد في منطوق هذا الحكم. ) ( قضايا الشركات
للأحكام المنشورة للمحكمة التجارية في عام 1439 هـ -
1440 هـ : 1 / صفحة 2608 )
ألم يكن من الأجدر أن
يعامل بنقيض قصده ؟! لا أن تكون المحكمة عوناً له على مخططه ؟
أقوال الفقهاء
أما ما تستدل به
المحكمة من أنه (لا يمكن اعتبار المبالغ المستلمة قبل التنضيض أرباحاً ) و أن ( المبالغ
المسلمة للمدعين لا يصح اعتبارها من الأرباح قبل تحقق التنضيض و تصفية الشراكة
)
فلا أدري ما علاقة
التنضيض بضمان رأس المال ؟!
باعتقادي أنه لا وجه
لذكر مسألة التنضيض عند الحديث عن ضمان رأس المال لأن الحديث عن التنضيض و التصفية
يكون عند سلامة و مشروعية أعمال المضارب لا عند تفريطه و تعديه.
و بتتبع الأقوال
الواردة في المذهب عن التنضيض و الأرباح تجدها في سياق مشروعية أعمال المضارب و
مدى استحقاق المضارب للأرباح .
..
هنا حكم من المحكمة
التجارية الابتدائية يرى أن الأرباح لا تخصم من رأس المال خصوصا و أن المضارب قد
أقر بالأرباح ثم أقر أنه فرط ليُخصم ما استلمه رب المال من رأس المال .
إلا أن محكمة الاستئناف قد نقضت الحكم!!
للاطلاع على الحكم اضغط هنا
..
اللهم اغفر ذنوبنا و إسرافنا
في أمرنا
اللهم صلِّ على محمد
تعليقات
إرسال تعليق